الحكمة من ترتيب أركان الإيمان في عدة أحاديث !
فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان :
هناك حكمة - والله أعلم - في ترتيب أركان الإيمان في الآيات والأحاديث ، وإن
كانت الواو لا تقتضي ترتيبًا :
فقد بدئت هذه الأركان بالإيمان بالله ؛ لأن الإيمان بالله هو الأساس ، وما سواه
من الأركان تابع له .
ثم ذكر الإيمان بالملائكة والرسل ؛ لأنهم الواسطة بين الله وخلقه في تبليغ رسالاته ،
فالملائكة تنزل بالوحي على الرسل ، والرسل يبلغون ذلك للناس ، قال تعالى :
( يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ) .
ثم ذكر الإيمان بالكتب ؛ لأنها الحجة والمرجع الذي جاءت به الرسل من الملائكة
والنبيين من عند الله للحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، قال تعالى :
( فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) .
ثم ذكر الإيمان باليوم الآخر ؛ لأنه ميعاد الجزاء على الأعمال التي هي نتيجة الإيمان
بالله وملائكته وكتبه ورسله أو التكذيب بذلك ، فكان مقتضى العدالة الإلهية إقامة هذا
اليوم للفصل بين الظالم والمظلوم ، وإقامة العدل بين الناس .
ثم ذكر الإيمان بالقضاء والقدر ؛ لأهميته في دفع المؤمن إلى العمل الصالح ، واتخاذ الأسباب النافعة ،
مع الاعتماد على الله سبحانه ، ولبيان أنه لا تناقض بين شرع الله الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه وبين قضائه وقدره ،
خلافا لمن زعم ذلك من المبتدعة والمشركين الذين قالوا :
( لَوْ شَاءَ اللهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ) ،
سوغوا ما هم عليه من الكفر بأن الله قدره عليهم ، وإذا قدره عليهم ، فقد رضيه
منهم - بزعمهم - ، فرد الله عليهم بأنه لو رضيه منهم ما بعث رسله بإنكاره ،
فقال : ( فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) .